عبد الواحد الأشهب
سقط القناع و جاءت زيارة مبعوث رئيس المجلس الرئاسي الليبي، سامي المنفي، للمغرب حاملا رسالة خطية إلى صاحب الجلالة الملك محمد السادس، من رئيس المجلس الرئاسي الليبي، محمد يونس المنفي، لتؤكد بما لايدع مجالا للشك أنه لا يمكن بناء أي كيان مغاربي وحدوي بدون المغرب، و أنه يستحيل إيجاد بديل للإتحاد المغاربي المعلن عنه في مراكش بتاريخ 17 فبراير 1989 م و الذي ما فتئ المغرب متشبثا به و مؤمنا بأن إرادة الشعوب المغاربية ستجعله حلما ممكن المنال. ولا أدل على ذلك من تنصيص الدستور المغربي في تصديره على التزام المملكة المغربية ب ” العمل على بناء الاتحاد المغاربي كخيار استراتيجي “.
مسرحية الإجتماع الثلاثي الملغوم بين كل من عبد المجيد تبون و قيس سعيد و محمد المنفي، هو اجتماع استشاري ينطوي على أسباب فشله، لأنه من جهة اجتماع كيدي يتغيى عزل المغرب الذي أصبح أكثر من كل وقت مضى قوة إقليمية لا تتوقف عن تحقيق المزيد من الإنتصارات الدبلوماسية على خصومها، و من جهة أخرى هو اجتماع خرج بصفر نتائج لأنه دار بين بلدن مثقلة بالمشاكل الداخلية و بمسببات التقهقر التي ترمي بها خارج دائرة النمو و الرفاه، و بالتالي كان عليها الإلتفات لمشاكلها الداخلية و التفكير بعد ذلك في إنعاش الإتحاد المغاربي الذي سكن في غرفة الإنعاش يتحسس أمله في إرادة الشعوب إزاء صراع الأنظمة.
“المشروع الوحدوي” الذي عجنه سعيد بأيدي عسكر المرادية لا يتوفر على أي شرط من شروط النجاح، و في مقدمتها أن يتم بين بلدان مستقرة سياسيا و قوية اقتصاديا، في حين أن البلدان الثلاثة المذكورة غارقة في المشاكل من قمة رأسها إلى أخمص قدمها.
فكيف لبلدان مثل هذه أن تحقق وحدة اقتصادية قوامها إتحاد جمركي، حدود مفتوحة للأشخاص و الرساميل والبضائع،سياسات صناعية، فلاحية، نقدية موحدة…
إن تصور و المناورة بفكرة بناء مغاربي محدود ينم عن هشاشة في التفكير السياسي و عن هوس مرضي بالتصدي لكل نجاح من نجاحات المغرب و بخاصة على الصعيد الإفريقي.
وشتان بين هذا التفكير المرضي و بين ما ينجزه المغرب على أرض واقع المساحة القارية و الدولية. وإذا كانت موريتانيا قد نأت بنفسها عن هذا المشروع الفاشل، مؤمنة بألا مشروعا وحدويا بدون المغرب وبولائها للإتحاد المغاربي الأصلي، فالسؤال يطرح حول إبعاد الجزائر لصنيعتها ” الجمهورية الصحراوية الوهمية” عن هذا المشروع الفاشل الذي سيرمى به في مزبلة التاريخ لأنه نتاج تصفية حسابات و شعارات جوفاء بعيدة عن رهانات الوقت الراهن التي لا تقبل الديماغوجيات و المزايدات و تستلزم التزود بالتفكير البراغماتي و ركوب سفينة التنمية و البناء و الإقتصاد العصري المستدام. و في هذا فليتنافس المتنافسون.
Comments are closed, but trackbacks and pingbacks are open.