“منتدى الصحافيات والصحافيين الشرفيين بالمغرب” يدلي بدلوه في النقاش الجاري حول تعديل قوانين مدونة الصحافة والنشر
أعد المكتب الوطني لـ “منتدى الصحافيات والصحافيين الشرفيين بالمغرب “أرضية تهم تعديل قوانين مدونة الصحافة والنشر، في انتظار تجميع ملاحظاته واقتراحاته حول قوانين هذه المدونة.
وسبق للمكتب الوطني لـ “المنتدى” أن أصدر بلاغا دعا فيه الزميلات والزملاء الصحافيين الشرفيين إلى المساهمة في النقاش من أجل بلورة أرضية تحتوي على أراء وملاحظات ومقترحات من أجل الترافع عنها، وقصد الأخذ بها من طرف المشرع، بمناسبة أي تعديل مرتقب لقانون مدونة الصحافة والنشر.
وأوضح البلاغ أن مقترحات المنتدى ستتمحور أساسا حول دور ووضعية الصحافيين الشرفيين بوجه خاص، مع ملامسة قضايا ذات صلة باهتماماته وما يرتبط بحرية الصحافة والتعبير وأخلاقيات المهنة.
وفي ما يلي نص الأرضية الأولي للمنتدى في انتظار ملاحظاتنا واقتراحاتنا التي سنتقدم بها:
يعتبر “منتدى الصحافيات والصحافيين الشرفيين بالمغرب” إطارا للترافع عن انشغالات وحقوق الصحافيين الشرفيين / المتقاعدين، وفي ذات الوقت يحرص على متابعة واقع ومستجدات المهنة وتأهيلها، وإبداء رأيه في كل ما يهمه.
في هذا المضمار، نُذكر أن من بين ما نصت عليه وثائق المنتدى، التي صادق عليها الجمع العام التأسيسي المنعقد في شهر يوليوز 2023، ما يلي :
1) ” الترافع عن قضايا الصحافيات والصحافيين المتقاعدين/ الشرفيين، وفي مقدمتها حقهم في التمتع بمعاش يحفظ كرامتهم ووضعهم الاعتباري، بما يكفل حقوقهم ويضمن حقهم في عيش كريم، وذلك في ارتباط وثيق بالرعاية الصحية والجسدية والنفسية والجوانب الاجتماعية والتكوينية، والترفيهية، واستعادة جميع المكتسبات التي كانوا يتمتعون بها … إلخ”.
2) ” يساهم المنتدى في ترسيخ مبادئ أخلاقيات المهنة وحرية الصحافة ونشر قيم التضامن بين المهنيين”… إلخ.
وقبل أن ندلي بدلونا في النقاش الجاري بشأن موضوع إصلاح قوانين مدونة الصحافة، والتي تعني كلا من قانون الصحافة والنشر، والنظام الأساسي للصحافيين المهنيين، وكذا قانون المجلس الوطني للصحافة، فإنه يهمنا كـ “منتدى الصحافيات والصحافيين الشرفيين بالمغرب” أن:
° تُعطى أولى الأولويات في مبادرات التعديلات لسنة 2024 – من جهة – إلى وضعية تقاعد الصحفيات والصحافيين المهنيين، الذين ما زالوا ممارسين حتى لا يسقطوا في مطبات زملائهم الذين أحيلوا على التقاعد، والذين يعانون في صمت…
° إن واقع حال الصحفيات والصحافيين المتقاعدين/ الشرفيين يستوجب معالجة شمولية لوضعيتهم بالنظر لضعف وهزالة المعاشات، والتغطية الصحية … خاصة أن هناك وضعيات متباينة ومتفاوتة، وقد تصل حد الهشاشة والهزال.
إن هذه الوضعية ناتجة عن عدة أسباب متداخلة، وكان لها انعكاس على فئة واسعة من الصحافيين المتقاعدين، بفعل عدم وفاء مقاولات صحفية بأداء وتسوية المستحقات لدى صناديق التقاعد التي تراكمت في ذمتها، وبسبب تعطيل مقتضيات من قانون الشغل، حيث ما زالت إلى اليوم مؤسسات إعلامية لا تؤدي جميع مستحقاتها وما تقتطعه من أجور مستخدميها لصناديق التقاعد …
كما أن التماطل في تطبيق الاتفاقية الجماعية، وتجميد تجديدها أو تعديلها رغم مرور حوالي عشرين سنة على توقيعها، كان له تأثير كبير ومباشر على وضعيات تقاعد المتباينة للزميلات والزملاء.
في هذا الإطار يُسجل “منتدى الصحافيات والصحافيين الشرفيين بالمغرب” أن وضعية “الصحافيين الشرفيين” ظلت مُغيبة، حتى من طرف أغلب المعنيين بالأمر، الذين لم يكونوا يهتمون بمآل تقاعدهم، إلى درجة غياب فضاء خاص بهم للتداول حول وضعياتهم، كما أن القوانين لم تنصفهم ولم تهتم بهم، ولم تراع خدماتهم ولا تجاربهم.
لذا نعتقد في المنتدى أنه حان وقت تصحيح وضعية غير سليمة، ولا تستقيم مع مقومات العيش الكريم، وذلك بما يرسخ مبدأي “الإنصاف والكرامة” اللذين ألح عليهما الزميلات والزملاء الصحافيين المتقاعدين في تدخلاتهم إبان انعقاد اللقاءين الجهويين اللذين دعا لهما المنتدى بكل من مدينتي الدار البيضاء والرباط إبان شهر مارس 2024.
بعد هذا الاستهلال الموجز نؤكد، منذ البداية، أن ملاحظاتنا ومقترحاتنا سنركزهما أساسا على بعض الجوانب التي تخصنا كفئة من الصحافيين المهنيين التي تتوق للإنصاف، وتسعى أن يكون الاستماع إليها ضرورة لا مندوحة عنها، في ظل حيف امتد لعقود من الزمن وما زال متواصلا، كما سنؤكد أدناه.
إن ما سنقدمه من مقترحات، هي نتاج نقاش معمق، ساهمت في بلورته تجارب مختلفة لزميلاتنا وزملائنا الصحافيين، حيث إن العديد منهم ساهموا في نقاشات سالفة، همت التعديلات التي طالت قوانين الصحافة، كما عايشوا عقودا من سريان مفعول هذه القوانين، وتولدت لديهم أفكارا وملاحظات وتصورات، عبر ما لامسوه من عيوب ونواقص أفرزتها الممارسة التي خبروها.
والمنتدى، إذ يدخل غمار هذه التجربة، ويدشن مسارا جديدا لنخب الصحافيين الشرفيين، يود التنبيه إلى مدخلين أساسين قبل الاسترسال في ملاحظاته واقتراحاته الأولية.
أولا: إن المملكة المغربية تعتبر من الدول التي عرفت تجارب صحافية منذ تاريخ مبكر نسبيا، كما عايشت النخب المغربية، قبل مرحلة الاستعمار وإبانها، محطات نشأة وتطور وتعدد المنابر الصحفية وامتداداتها وميولاتها ….
وقاست وعانت الصحافة المغربية، طيلة عقود غابرة، من شتى أصناف المضايقات والانتهاكات، ورغم ذلك ظلت صامدة شامخة في ظل ظروف صعبة.
من جهة أخرى، انتزعت الصحافة في المغرب، التي كانت تُشغل أعدادا جد محدودة من الصحافيين، مكتسبات في غاية الأهمية بفضل تضحيات جسام، وبفضل تكاثف وتلاقي إرادات.
ويجدر الانتباه في هذا السياق، أن القوانين المنظمة لحرية التعبير والصحافة خضعت على امتداد عقود ماضية لعدة تعديلات، كما أن مسألة الإعلام نظمت في شأنها منذ بداية تسعينيات القرن الفائت ندوات ومناظرات وجلسات حوار، أبرزها المناظرة الوطنية الأولى للإعلام، والملتقى الوطني للصحافة المكتوبة بالصخيرات، وجلسات الحوار الوطني حول الإعلام والمجتمع.
وبدون مبالغة، إن خلاصات وتقارير هذه النقاشات تحتوي على ما يكفي من الأفكار والاقتراحات لتحقيق نهضة إعلامية غير مسبوقة ولسن قوانين جد متقدمة، ومن أجل تخريج أفواج من المهنيات والمهنيين المتميزين.
وهنا لا يفوتنا أن نسجل كمنتدى أننا نؤمن بالعمل الجماعي، الذي لا مندوحة عنه، لعبور سفينة الجسم الصحفي إلى بر الأمان، وسبق أن وجهنا رسائل إلى عدد من الفاعلين والشركاء بغاية التعاون والعمل المشترك، باعتبار أننا نتكامل ونتقاسم هما مشتركا، ومآلا سينتهي إليه كل الصحافيين الممارسين.
ثانيا: ارتأى المنتدى تجنب التيه في مناقشة مختلف مواد القوانين في شموليتها، إذ اختار الاقتصار على الاهتمام بكل ما له علاقة بانشغالات الصحافيين الشرفيين/ المتقاعدين بالنظر للحيف الذي طالهم، والذي سيطال الذين ما زالوا ممارسين إذا لم يتم وقف النزيف وتصحيح الأوضاع، انطلاقا من تظافر إرادة كل الفاعلين، وترجمة ذلك عمليا في القريب العاجل، خاصة وأن عدد الصحافيين الشرفيين محدود جدا.
ويعتقد المنتدى في هذا السياق أن عدم اهتمام قوانين مدونة الصحافة والنشر بانشغالات الصحافيين الشرفيين هو فعل غير متعمد، ولا مقصود، بل هو نتاج واقع معين، وظروف معينة، يكمن في ثناياها غياب سابق لبروز فئة عددية كافية من الصحافيين الشرفيين، ولعدم وجود إطار يواكب ميلاد هذه الفئة ويترافع من أجلها، وهو مصير مشترك لكل الزميلات والزملاء، بمن فيهم الممارسين، كما أكدنا سلفا.
ويضاف إلى هذا أن تسمية الصحافي “الشرفي” هي أصلا حديثة، وذكرت بشكل عابر في التعديلات الأخيرة لقوانين الصحافة، علما أن لقب الصحافي “الشرفي” تختلف في شأنه الآراء، وهناك فئات واسعة من الصحافيين تطالب بإعادة النظر في التسمية.
ويمكن القول إن فئة الصحافيات والصحافيين الشرفيين بدأت أعدادها تزداد في السنوات الأخيرة، إذ أحيل على التقاعد الإداري عشرات الصحافيات والصحافيين، جلهم وجدوا أنفسهم إزاء فراغ قاتم وعزلة مفاجئة، رغم أن عددهم الإجمالي ما زال محدودا، علما أن الأوضاع ازدادت قساوة لدى عدد من الزملاء والزميلات، سيما بالنسبة لمن خرجوا بأمراض مزمنة وبمعاشات هزيلة وبتغطية صحية تكاد تكون منعدمة.
ويهمنا في المنتدى ألا يتكرر الحيف الذي يقاسيه أغلب الزملاء المتقاعدين، وأن نتحاشاه كي لا يطال اللاحقين من أفواج المتقاعدين، باعتبار أن وضعية التقاعد تهم أيضا الصحافيين الممارسين.
فضلا عن كل ما ذكر، إن “منتدى الصحافيات والصحافيين الشرفيين بالمغرب”، وهو يخوض هذه التجربة الناشئة، ويدشن عهد المرافعة الشريفة عن هموم وحقوق الصحافيين الشرفيين، يجد نفسه مطوقا بأمانة الوفاء لتقاليد المهنة، وبمسؤولية مواصلة الجهر بالحقيقة، التي كنا وما زلنا وسنبقى حراسها الأوفياء.
والشيء بالشيء يذكر، إن مساهمتنا المتواضعة في النقاش الجاري حول قوانين مدونة الصحافة والنشر، قصد تجويدها، تعتمد على ما راكمناه طيلة عقود من الممارسة المهنية في مختلف وسائل الإعلام المكتوب، السمعي البصري و الوكالة. وتعتمد أيضا على ما عايشناه من خلال سريان مفعول هذه القوانين على الواقع، ومما جرى ويجري داخل غرف التحرير.
بعد هذا التقديم الوجيز، سنضيف لهذه الأرضية ما استجمعناه من ملاحظات وتصورات واقتراحات، ونجدد الدعوة لزميلاتنا وزملائنا المهنيين الممارسين بإيلاء كامل العناية والاهتمام لملف تقاعدهم ومن الآن.
هذا وسنتوصل إلى بلورة ما ذكر من خلال النقاش الذي فتحناه حول قوانين مدونة الصحافة والنشر والذي سنتوجه بتنظيم مائدة مستديرة في الموضوع.
المكتب الوطني لـ “منتدى الصحافيات والصحافيين الشرفيين بالمغرب”
Comments are closed, but trackbacks and pingbacks are open.